المجلة | قــصـــة |أطرف طريقة لطلب العلم رحل تقي بن مخلد الأندلس

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > قــصـــة

أطرف طريقة لطلب العلم
رحل تقي بن مخلد الأندلسي (205 هـ ـ 276 هـ) إلى بغداد على قدميه، وكان جل بغيته ملاقاة الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه والأخذ عنه. قال: لما قربت من بغداد، اتصل بي خبر المحنة التي دارت على أحمد بن حنبل وأنه ممنوع من الاجتماع إليه والسماع منه، فاغتممت بذلك غما شديدا، فلم أعرج على شيء بعد إنزالي متاعي في بيت اكتريته في بعض الفنادق أن أتيت المسجد الجامع ، وأنا أريد أن أجلس إلى الخلق وأسمع ما يتذاكرون! ودفعت إلى حلقة نبيلة، فإذا برجل يكشف عن الرجال، فيضعف ويقوي، فقلت من هذا؟ لمن كان قربي، فقال: هذا يحيى بن معين. ورأيت فرجة قد انفرجت قربه، فقمت إليه، فقلت له أبا زكريا رحمك الله! رجل غريب نائي الدار، أردت السؤال فلا تستخفني! فقال لي قل. فسألته عن بعض من لقيت من أهل الحديث، فبعضا زكى وبعضا جرح! قلت وأنا واقف على قدمي: أسألك عن رجل واحد: أحمد بن حنبل؟ فنظر إلي يحيى بن معين كالمتعجب وقال لي: ومثلنا نحن يكشف عن أحمد بن حنبل!! إن ذاك إمام المسلمين وخيرهم وأفضلهم. ثم خرجت استدل علي منزل أحمد بن حنبل، فدللت عليه. وقرعت بابه فخرج إلي وفتح الباب فنظر إلى رجل لم يعرفه. فقلت: يا أبا عبد الله! رجل غريب الدار، هذا أول دخولي هذا البلد، وأنا طالب حديث ومقيد سنة ـ أي جامع سنة ـ ولم تكن رحلتي إلا إليك. وقال لي: أين موضعك؟ قلت: المغرب الأقصى؟ فقال: إفريقية؟ قلت أبعد من ذلك، أجوز من بلد البحر، إلى إفريقية إلى الأندلس. فقال: إن موضعك لبعيد! وما كان شيء أحب إلي من أن أحسن عون مثلك على مطلبه، غير أني في حيني هذا ممتحن بما لعله قد بلغك. فقلت له: بلى، قد بلغني وأنا قريب من بلدك مقبل نحوك. وقلت له: أبا عبد الله! هذا أول دخولي، وأنا مجهول العين عندكم، فإن أذنت لي أن آتي في كل يوم في زي السوائل، فأقول عند باب الدار ما يقولون، فتخرج إلى هذا الموضع، فلو لم تحدثني في كل يوم إلا بحديث واحد، لكان فيه كفاية. فقال لي: نعم، على شرط، ألا تظهر في الخلق ولا عند أصحاب الحديث فقلت: شرطك. فكنت آخذ عودا بيدي وألف رأسي بخرقه، وأجعل أوراقي وأدواتي في كمي، ثم آتي بابه فأصيح: الأجر رحمك الله، والسوائل هنا يقولون كذلك، فيخرج إلي، ويغلق باب الدار، ويحدثني بالحديثين والثلاثة والأكثر. والتزمت ذلك حتى مات الممتحن له، وولي من بعد من كان على مذهب السنة، فظهر أحمد بن حنبل، وسما ذكره وعظم في عيون الناس، وعلت إمامته، وكانت تضرب إليه آباط الإبل، فكان يعرف لي حق صبري. كنت إذا أتيت حلقته فسح لي وأدناني من نفسه، ويقول لأصحاب الحديث: هذا يقع عليه اسم طالب العلم...... ثم يقص عليهم قصتي معه، فكان يناولني الحديث مناولة، ويقرأه علي، وأقرأه عليه.

المزيد